هنادي عثمان
عدد المساهمات : 9 إنجازك : 7 تاريخ التسجيل : 22/04/2015
| موضوع: بشر خطّاؤون الخميس أبريل 30, 2015 12:51 pm | |
| "وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللّهَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ" (رواه مسلم).
لماذا يارب؟ لماذا تريدنا أن نخطئ و نتوب و نجاهد ثم نخطئ و نتوب؟ ألم يكن من الأفضل لو أننا كالملائكة لا نعصي الله ما أمرنا و نفعل ما نؤمر؟ لماذا يبقى باب التوبة مشرعاً ما لم نغرغر؟ ما الهدف من هذا الحيز الواسع جداً للرحمه و المغفرة؟
هو ذات استفسار الملائكة عندما أخبرهم الله سبحانه و تعالى بخلق آدم! لماذا تخلق بشراً يمتلكون القدرة على فعل الصواب و عكسه, قادرون على ارتكاب الآثام, و سفك الدماء؟
لماذا هل فكرت يوماً؟!
ببساطة لأنها سمة أساسية من السمات التي بسببها كُرم هذا المخلوق على ما سواه بمن فيهم الملائكة!
إنها الحرية! الحرية تقتضي أن يكون لديك الخيار! أن يكون هنالك حيز للخطأ و الإخفاق.
خُلقنا هنا لعبادة الله, خلقنا لنملأ هذا الوجود بالقيم الإلهية. في سعينا لهذه المهمة العظيمة التي أشفقت من حملها كل المخلوقات, ربما تتملكنا قبضة الطين و نخطئ, ماذا نفعل؟ الكريم الرحيم العالم بهذه النفس التي خلق, يعلمنا أن توقف عند الخطأ, اعترف به, تب إلى الله منه, ثم واصل التحليق لا شيء يعيبك, لا شيء يقدح بك, لا شيء ينزع منك قداستك! فتحت لك الباب على مصراعيه لتعود, لا تقلق!
ما الذي فعلناه نحن؟
فتنتنا صورة الملائكة الذين لا يعصون الله ما يؤمرون, و وددنا لو كنا نحن, أصبحنا ننظر لأخطائنا بأنها جرائم لا تغتفر, و إن غفرت تبقى ندبة في وجوهنا و قلوبنا لا نستطيع منها فكاكاً.
تظنني أبالغ أليس كذلك؟
انظر إلى من حولك! هل رأيت يوماً أماً توبخ طفلها على كسره لطبق أو كوب؟ أو طفلاً يُعاقب على حماقة طفولية ارتكبها؟ أم أن هذا يحدث في كوكب آخر؟
هل تذكر ذاك الوخز في صدرك و تلك اللكمات التي سددتها لحائط غرفتك كلما تذكرت خطأك؟
على الرغم من أن الذي خلقنا أخبرنا أنه( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ), بل أنه سبحانه أخبرنا أن حيز الخطأ مفتوح في أكثر الأمور حساية و دقة و هو أمر الشريعة! فالمجتهد مأجور و إن أخطأ !
لم نتقبل نحن هذا الضعف و لم نفهمه و لم نرحمه!
هل نعرف ما الذي نجنيه على أنفسنا و أبنائنا بهذا الفعل؟
نحن نبذر بذور الأمراض النفسية في أرواحنا, نبذر بذور الكذب و الكبر. عندما لا تتقبل أنت أنك تخطئ, لن تعترف بهذا حتى لنفسك, ستنسج الحكايا لتبرر خطأك, ستلقي باللوم على الكوكب بأكمله لكن ليس أنت ! تتكبر و تكذب و تختلق فقط كي لا تعترف بخطئك.
يذكر د.عبد الرحمن ذاكر الهاشمي -الطبيب و الاستشاري النفسي- أنّه في الحالات التي عالجتها من الفصام كان السبب دوماً خطؤٌ ما ارتكبه الشخص أو فشلٌ ما لم يستطع تقبله و التعامل معه و بدأ يختلق عالم آخر يكون فيه هو العظيم الذي يريد الجميع الإطاحة به!
هل ندرك هذا؟
في المرة المقبلة التي تخطئ بها تذكر أنك بشر كرمك الله بهذا الحيز من الخطأ و فتح الباب على مصراعيه لقبولك دوماً فكل ابن آدم خطّاء. واجه خطأك و حاصره بالتوبة و الإعداد الجيد ثم جدد المحاولة فالوقت لا يفوت أبداً!
وأنت أيتها الأم في المرة المقبلة التي يخطئ بها طفلك, توقفي لحظة قبل أن تبدأي سيل التوبيخات و الشتائم, ارحمي ضعف طفلك, تقبلي إنسانيته, و أعينيه على نفسه, ولا تكوني أنت من يدمرها و يمزقها! ارحمي و اغفري و سامحي , وارتجي بهذا أن يغفر لك الله و يتجاوز عن أخطائك أنت , و أخرجي لنا جيلاً متزناً متصالحاً مع ذاته. [/size][/center] | |
|