بدو الابداع أحياناً على ألسنة و أقلام البعض كما لو أنه ضربة حظ أو لحظة إلهام سماوي تبرق فيها سما الابداع و تحيا بعدها بتبات و نبات مع عقلية مبدعة ملهمة. أو ربما بضعة خطوات أو كلمات تفعلها و ترددها مع نفسك لتنتج مبدعاً ملء السمع و البصر!
قد يكون هناك بعض الأنشطة التي نعمل على تحفيز العقلية المبدعة, إلا أن الإبداع برأيي يرتكز على ثلاثة أسس مهمة, نادراً ما يحدث بدونها وهي كالتالي:
أولا: القراءة و الشغف بالمعرفة:
تنبع جاذبية الأفكار الإبداعية من قدرتها على دمج الأفكار أو المعلومات خاصة تلك التي لا يبدو بينها رابطاً مشتركاً. من أين ستأتي الأفكار والمعلومات إن لم تكن ذو اطلاع واسع؟ القراءة والاطلاع على المصادر المختلفة للأفكار والمعلومات, ترفد الدماغ بهذا العنصر المهم من تنوع الأفكار و تعددها ومن ثَم القدرة على المزاوجة بينها لاستخراج أفكار جديدة.
لذا إن كنت تريد أن تصبح مبدعاً فخطوتك الأولى هي الكتاب! إقرأ كثيراً و في مجالات متعددة, ابدأ بما تحب أن تعرف عنه أكثر, و عوّد نفسك على القراءة حتى تصبح عادة لديك. من الممكن الاستعانة بأصدقاء قارئين لتحفيزك على الاستمرار. لكن لا تجالس كثيراً أصحاب القراءات المتقدمة و الكثيرة فمن شأن هذا أن يفتر عزيمتك و يضعف تقديرك لذاتك, حيث يتردد في داخلك لقد فاتني الوقت و متى سألحق بهؤلاء! اجعل مستويات من تجالسهم أو تتابعهم متفاوتة بحيث تتيح لنفسك المشاركة المريحة بأرائك التي اكتسبتها من قراءاتك و تقييمها من حين لآخر.
الثاني: مهارة التوقف و الملاحظة:
كيف خطر له هذا؟ أظن أنه سؤال قد دار في خلدك يوماً و أنت تقرأ أو تستمع لملاحظة شخص حول أمر اعتيادي نمر به جميعاً. إنها مهارة التوقف! لقد خطرت في باله لأنه ببساطة توقف عندها تساءل عنها أو استطاع ربطها بأمر آخر فأنتج فكرة جاذبة! هي هكذا
يقول علي عزت بيغوفيتش رحمه الله في كتابه هروبي إلى الحرية: على الكاتب أن يتحلى ببصر يشبه فلاش الكاميرا! أي أنه قادر على التقاط الأحداث لا أن تمر أمامه مرور الكرام.
نحن نحتاج لهذه المهارة ليس لدعم إبداعنا فقط, بل ربما لتجعل حياتنا أكثر متعة! من يتوقف هو الشخص القادر على التقاط الأحداث الصغرى و الابتهاج بها. جرّب هذه المهارة و نعدك بتجربة مثيرة! أثناء ارتشافك لفنجان قهوتك هذا الصباح, جرّب أن تدقق فيما حولك, أو اسأل نفسك لماذا أحب القهوة؟ ما الذي يجعلها عادة يومية؟ تناولها بهدوء و استمع لصوت أفكارك و حديث نفسك, وشاركنا تجربتك إن أحببت
الثالث: الاجتهاد و الصبر :
دعك ممن يصور لك المبدعين على أنهم أشخاص كوول و هائمين على وجوههم في متع الحياة, لكن ويالمحاسن الصدف انقدحت أذهانهم فجأة بفكرة مبدعة و ابتسمت لهم الحياة. ليس هذا على الإطلاق , أنت ترى فقط اللقطة الأخيرة من سلسلة خطوات و مراحل لعق فيها الصبر حتى تضلّعه. لا يوجد نجاحات تأتي من فراغ, لكن لكل مجتهد نصيب! فالخطوتين السابقتين تحتاجان لوقت و تفكر و مجاهدة, أضاعها الآخرون في أماكن أخرى لا تنتج إبداعاً!
أخيراً .. اللهم لا تحرمنا الشغف, ولا تمتنا بالعجز!
دمتم مبدعين.