في بيتها القديم، كانت تنتظر بعد الفجر، ذلك الوقت الذي تختلط فيه عتمة الليل بإشراقة الصبح. كانت تنظر إلى السماء في أقصى اليسار تجد الصورة مازالت ليلية، تمر بعينيها إلى أقصى اليمين لتجد أولى خيوط الضوء قد لاحت في الأفق. تحب ذلك الوقت كثيرا لأنه الوقت الذي يمكنها فيه أن ترى الليل والنهار معا في آن.
في بيتها القديم، كانت تستمتع بنسمات الصبح وتجذبها رائحة قطرات الندى، تتأمل بديع صنع الله وتنتظر شروق الشمس لتعلن لنفسها عن يوم جديد ومعه أمل جديد في أن تحقق ما تريد.
في بيتها القديم، كانت سعيدة جدا بنافذته التي تطل على مساحة خضراء واسعة، تملأ عينيها بالجمال، وتحيي روحها المرهَقة بمتاعب الحياة، تتأملها وتغيب في مشاهدتها، تتنفس بعمق فتتخلص من معظم همومها الصغيرة كقلبها.
في بيتها القديم، كانت تحقق انجازات عملها بشغف، كانت تحب نجاحاتها الصغيرة، وكلما ضاق حولها الخناق بسبب عملها كانت تهرب إلى نافذتها الصغيرة التي تطل منها على رحابة السماء بلونيها، وتنتظر طلوع الشمس لتشعر بالبهجة.
في بيتها الجديد، تفتح نافذتها فلا تجد إلا بنايات خاوية، متراصة بلا روح ولا ذوق، فتزيد خواء روحها المتعَبة، وتمتلأ عينيها بالدموع، تشم رائحة احتراق المخلفات فلا تستطيع التنفس، حتى الشمس تحتبئ خلف إحدى البنايات عند شروقها فلا تستطيع إلى رؤيتها سبيلا. لا تريد أن تستيقظ مبكرا للعمل الذي اضطرت إليه مؤخرا. البكاء والصداع الملازم له يتعبان رأسها وعينيها لتغلق نافذتها وتنام.
تمت